مناهضون
بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وجدت إيران نفسها أمام أزمة غير مسبوقة تهدد مشروعها الإقليمي الذي عملت على بنائه لعقود، فالإطاحة المفاجئة بأحد أبرز حلفاء طهران في المنطقة لم تترك مجالاً للشك بأن السياسة التوسعية الإيرانية باتت على حافة الانهيار، في ظل تزايد الضغوط الداخلية والخارجية عليها.
إجلاء يفضح الفشل الإيراني:
فقد سارعت إيران لإجلاء آلاف من رعاياها من سوريا، مما يعكس حالة الذعر التي أصابت النظام الإيراني، ووفقاً لتصريحات المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، تم إجلاء أكثر من 4000 مواطن إيراني خلال ثلاثة أيام فقط عبر رحلات طيران مستعجلة نظمتها شركة “ماهان للطيران”.
هذا الإجراء يعكس فشل إيران في حماية مصالحها وحلفائها في سوريا، رغم استثماراتها الضخمة هناك، سواء من خلال دعم نظام الأسد أو تمويل الميليشيات التابعة لها.
ضربة موجعة للمشروع الإيراني:
ويرى المحللون أن سقوط الأسد يمثل ضربة قاسية لمشروع إيران التوسعي، الذي اعتمد بشكل كبير على سوريا كجسر استراتيجي لتمويل ودعم وكلائها، مثل حزب الله في لبنان والميليشيات الشيعية في العراق والحوثيين في اليمن.
ومع انهيار النظام السوري، تواجه طهران تحدياً حقيقياً في الحفاظ على شبكة نفوذها التي بنتها عبر الحروب والاضطرابات.
خامنئي يتحدى الواقع لكنه يعترف بالخسائر:
في أول تعليق له بعد سقوط الأسد، حاول المرشد الإيراني علي خامنئي إظهار صمود بلاده، مدعياً أن “جبهة المقاومة ستزداد قوة تحت الضغط”، ومؤكداً أن إيران ستواصل مواجهتها لكل من إسرائيل والولايات المتحدة.
لكن خلف هذا الخطاب المتحدي، اعترف خامنئي بخطورة الموقف، حيث أشار إلى أن الأحداث الأخيرة في سوريا ولبنان قد تؤدي إلى تغيير معادلات القوة، وإن كان ذلك “سيستغرق وقتاً طويلاً”، بحسب قوله.
الديون السورية:
إلى جانب الخسائر السياسية والعسكرية، تواجه إيران ضغوطاً اقتصادية متزايدة، إذ أثيرت تساؤلات داخلية حول مليارات الدولارات التي أنفقتها طهران لدعم نظام الأسد.
وأشار مشرعون إيرانيون إلى أن هذه الأموال قد لا تُسترد أبداً، مما يضع الحكومة الإيرانية في موقف محرج أمام شعبها الذي يعاني من أزمات اقتصادية خانقة.
حسابات إيران تنهار أمام الضربات الإسرائيلية:
وعلى مدى العام الماضي، كانت القوات الإيرانية والمرافق العسكرية في سوريا هدفاً لضربات جوية إسرائيلية متكررة.
هذه الضربات، التي شملت اغتيال قادة في حزب الله وتدمير مخزونات أسلحة، كشفت ضعف إيران في حماية أذرعها العسكرية وتراجع قدرتها على الرد.
ورغم الخسائر الواضحة، حاول خامنئي التمسك بوهم أن الوضع قد ينقلب لصالح إيران في المستقبل، قائلاً إن “الشباب السوري سينهض لتغيير الوضع”.
لكن الواقع يشير إلى أن طهران تواجه عزلة متزايدة، حيث تلاشت رهاناتها على الأسد كحليف استراتيجي، ما قد يؤدي إلى تقليص نفوذها الإقليمي بشكل كبير.