مناهضون
منذ انطلاق حركة الحوثيين في شمال اليمن في التسعينات، كان لهذه الجماعة علاقة معقدة ومثيرة للجدل مع إيران، فقد بدأت الحركة في منطقة صعدة، بزعامة حسين بدر الدين الحوثي، وسرعان ما نمت لتتحول إلى قوة ميدانية وسياسية في اليمن، وبينما كانت الجماعة تروج لنفسها على أنها حركة مقاومة ضد الظلم والفقر، فإن دورها في خدمة الأجندات الإيرانية أصبح واضحًا بعد فترة قصيرة من ظهورها، ولم تكن هذه العلاقة مجرد تعاون تكتيكي، بل تحولت إلى شراكة استراتيجية أسهمت في تحوّل الحوثيين إلى أحد أذرع إيران في منطقة الخليج العربي.
تاريخ نشأة الحوثيين وعلاقتهم بإيران:
ظهرت حركة الحوثي لأول مرة في اليمن في منتصف التسعينات بقيادة حسين بدر الدين الحوثي، الذي كان يطالب بحقوق الشيعة الزيدية في اليمن.
ومع تقدم الحركة، بدأت تظهر بوادر العلاقة مع إيران، التي كانت تسعى لتعزيز نفوذها في المنطقة العربية، خاصة في اليمن، باعتباره موقعًا استراتيجيًا قرب السعودية، القوة الكبرى في المنطقة.
وفي بدايات الألفية الجديدة، بدأت إيران تضخ دعمًا ماديًا وعسكريًا للحركة الحوثية، وهي خطوة كانت مدفوعة برغبة طهران في توسيع تأثيرها في البحر الأحمر ومنطقة الخليج.
هذه العلاقة كانت مبنية على تشابه فكري بين الحوثيين وإيران، حيث يجمعهما المذهب الشيعي (الزيدي في حالة الحوثيين، والجعفري في حالة إيران)، إلا أن هذا التشابه لم يكن السبب الوحيد، إذ كان هناك أيضًا رغبة مشتركة في مواجهة الهيمنة السنية في المنطقة.
الاستراتيجية الإيرانية في دعم الحوثيين:
منذ اندلاع الحرب الأهلية اليمنية في عام 2014، دخلت إيران في مرحلة جديدة من الدعم الكامل لجماعة الحوثي، حيث تحولت العلاقة من دعم محدود إلى توريد الأسلحة والمستشارين العسكريين.
واستخدمت إيران الحوثيين كأداة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في المنطقة، من خلال عدة محاور:
1. تعزيز النفوذ في البحر الأحمر: يشكل اليمن موقعًا استراتيجيًا على مضيق باب المندب، وهو أحد الممرات البحرية الحيوية التي تربط بين البحر الأحمر وخليج عدن، ويساعد دعم الحوثيين إيران في تهديد الملاحة الدولية، خاصة في حال حدوث توترات مع السعودية أو دول الخليج.
2. استهداف التحالف العربي بقيادة السعودية: من خلال دعم الحوثيين، تمكنت إيران من فتح جبهة جديدة ضد السعودية، حليفها التقليدي في المنطقة، وتعتبر إيران أن استنزاف السعودية في حرب اليمن يخدم مصالحها في سياق النزاع الإقليمي.
3. توسيع “الهلال الشيعي”: تمثل جماعة الحوثي جزءًا من مشروع إيران في تعزيز “الهلال الشيعي” الذي يمتد من طهران إلى بغداد ودمشق وبيروت، وصولًا إلى صنعاء، ودعم الحوثيين يعزز هذا الهلال في أقصى جنوب شبه الجزيرة العربية، مما يعزز من قدرة إيران على التأثير في أمن الخليج العربي والمشاركة في قضايا المنطقة.
دور الحوثي في الأجندات الإيرانية:
والتحليل الاستراتيجي للمصالح الإيرانية في دعم الحوثيين يكشف أن طهران تراهن على هذه الجماعة لتحقيق أهدافها بعيدة المدى في المنطقة.
فالحوثيين، الذين يستفيدون من الدعم العسكري والسياسي الإيراني، يستخدمون هذه الموارد لتوسيع سيطرتهم على الأراضي اليمنية وفرض معادلة جديدة في المنطقة:
1. استخدام الحوثيين كأداة لحرب بالوكالة: من خلالهم، تمكنت إيران من تحقيق ضربات قوية ضد السعودية وأمريكا، دون الحاجة إلى تدخل مباشر، مما يعزز قدراتها على مواجهة خصومها الإقليميين والدوليين.
2. تأثيرها على الوضع الداخلي في اليمن: عبر دعم الحوثيين، ساهمت إيران في تعميق الانقسام الداخلي في اليمن، مما يضعف الدولة اليمنية ويسهل التأثير على مسار الحلول السياسية، كما أن الحوثيون يسعون دائمًا إلى تعزيز سلطتهم الداخلية، وهو ما يتماشى مع مصالح طهران التي تدفع باتجاه حكم المليشيات غير المركزية كجزء من استراتيجيتها الإقليمية.
الأسلحة والدعم اللوجستي:
تشير تقارير دولية إلى أن إيران قد زودت الحوثيين بمختلف أنواع الأسلحة المتطورة، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، التي استخدمها الحوثيون في استهداف أهداف داخل المملكة العربية السعودية.
هذه الأسلحة تساهم في زيادة تهديدات الحوثيين على الدول العربية، وبالتالي تُعتبر هذه السياسة جزءًا من استراتيجية إيران لتوسيع تأثيرها في المنطقة.