للأسبوع الثالث على التوالي، تتواصل انتفاضة الشعب العربي الأحوازي ضد الاحتلال الإيراني القامع للحريات، والناهب لمقدرات الإقليم الغني بثرواته الطبيعية، والظالم لأبناء الأحواز ذات القومية العربية.
اندلعت شرارة الاحتجاجات في الخامس عشر من شهر يوليو الجاري، ثم تمددت وتوسعت بكل بقاع الإقليم العربي، ومنه لعدة مدن فارسية حتى وصلت إلى قلب طهران، فاهتزت أركان الدولة الفارسية وأصبحت على صفيح ساخن.
احتجاجات الأحواز ضد الاحتلال الإيراني لم تكن بسبب شح المياه فقط، حيث انتفض شعب الإقليم العربي بعدما طفح به الكيل، رافضًا الظلم والطغيان، محاربًا الاستعمار الفارسي الذي نهب الأرض ولوث الهواء وشفط الماء.
انتفاضة شعب متمسكًا بأرضه ووطنه وقوميته العربية، ورافضًا لسياسات التهجير القسري التي ينتهجها المحتل الفارسي لاستكمال نهب ثروات الإقليم، من نفط وغاز وماء إلى باقي مقدراته الغنية.
وأمام شعب مناضل ومكافح يسعى بكافة السُبل لنيل حريته، وقف النظام المحتل عاجزًا عن إخماد ثورته، فلجأ كعادته إلى استخدام أساليبه القمعية المنتهكة للحقوق والسالبة للحريات.
لم يهاب أبناء الأحواز ولن يتراجعوا حتى الظفر بحقوقهم المشروعة، متحدين الممارسات القمعية التي فرضتها قوات الاحتلال والحرس الثوري، بداية من القتل المباشر، مروراً بقطع الكهرباء والإنترنت، وحتى عمليات التوقيف والاعتقال المستمر.
ومساء أمس الجمعة، نظم أبناء الإقلم العربي المحتل تظاهرات حاشدة على طول الشريط الساحلي لمدينة الأحواز، وأحرق عدد من المحتجين صور المرشد علي خامنئي.
وردد المحتجون: “الموت لخامنئي”، “لا نريد الجمهورية الإسلامية”، “خامنئي اخجل واترك البلد”، و”الموت للديكتاتور”، و”ليرحل الملالي.. لن تنفعهم الدبابة والمدفع والصاروخ”.
أشعلت الاحتجاجات المدعومة بتلك الهتافات نار القمع لدى نظام الملالي، فقامت قوات الاحتلال بمهاجمة المتظاهرين واعتقلت العشرات بينهم أطفال ومراهقين وسيدتان، وذلك خلال تجمع حاشد على ضفاف نهر كارون، احتجاجاً على نقل المياه إلى العمق الفارسي.
وحاصرت قوات الحرس الثوري حيّ الثورة في الأحواز من مدخليه الرئيسَين، وقامت بتفتيش كل من يدخل المنطقة ويخرج منها، كما تطلب من المارة فتح هواتفهم المحمولة، ومن ثم اعتقالهم حال العثور على مقاطع فيديو للاحتجاجات.
وبالتزامن مع احتجاجات الأحواز، خرج مئات الإيرانيين في تظاهرات بالعاصمة طهران، ورددوا هتافات مناهضة للمرشد علي خامنئي، حيث نادى المتظاهرون ورفعوا شعارات تطالب بإسقاط المرشد.
جدير بالذكر أن إقليم الأحواز العربي المحتل يشهد احتجاجات واسعة منذ 15 يوليو، وعلى مدى أسبوعين، استشهد خلالها أكثر من 15 شخصًا، وأصيب المئات، كما اعتقلت قوات الاحتلال الآلاف من أبناء الإقليم.
ويعد إقليم الأحواز العربي أحد أغنى بقاع الأرض من حيث الثروات الطبيعية، إذ يمتلئ بالنفط والغاز، والمياه العذبة، إضافة إلى تواجد أهم الموانئ، وأكبر شركات البتروكيماويات وإنتاج الكهرباء.
ويسعى نظام الملالي إلى إحداث تغيير ديموغرافي بالإقليم، من خلال ضمّ أراضي الأحواز، بشكل قسري، إلى الدولة الإيرانية، وتغيير كافة الأسماء العربية للمدن للفارسية، وإلغاء استعمال اللغة المحلية (العربية) في التعامل اليومي، وكذا بالدراسة.
وفي إطار سياسات التهجير القسري، أنشأ النظام المحتل عددًا كبيرًا من السدود على أنهار الأحواز، يستخدمها كسلاح في الشتاء لإغراق المدن والقرى والمزارع بالمنطقة، وفي الصيف يقوم بتجفيف الأنهار، ما أدى لهلاك المحاصيل الزراعية وبوار الأراضي وانهيار الثروة الحيوانية والمزارع السمكية.
كما يسعى المحتل الفارسي إلى مصادرة أراضي الأحوازيين، واستكمال نهب الثروات الطبيعية، التي تشكّل أكثر من 80% من الدخل الوطني للنظام.