أجرى الحوار: حامد فتحي
يكابد شعب الأحواز العربي، المعاناة في موطنه الذي ضمّته الدولة الإيرانية، عام 1925، تحت الاحتلال القومي الفارسي، الذي لا يعترف بحقوق هذا الشعب العربي الثقافية والدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والتاريخية، بل حتى حقوقه الوجودية غير معترف بها، في ظلّ نظام سياسي يجمع التطرف القومي مع التطرف الديني.
وخلال الأيام الماضية، انتفض الشعب الأحوازي ضدّ القمع والأوضاع المعيشية السيئة، فواجهته السلطة الإيرانية بالعنف المفرط، والحصار بقطع الاتصالات، خوفاً من انتشار شرارة الاحتجاج إلى بقية المناطق الجغرافية.
وللوقوف على طبيعة الاحتجاجات والأوضاع العامة في الأحواز، حاورت “حفريات” المتحدث الرسمي باسم حركة رواد النهضة لتحرير الأحواز، السيد أحمد حسين، الذي حذّر “لو تمادى المحتل الفارسي في عدوانه سيأتيه ردّ لا يتوقعه”.
هنا نصّ الحوار:
نبدأ مع الاحتجاجات التي شهدتها المناطق العربية في جنوب غرب إيران، وفي محافظة خوزستان، وفق التسمية الإدارية، والأحواز وفق التسمية العربية، كيف تفجرت هذه الاحتجاجات؟
تفجرت هذه الاحتجاجات ظاهرياً على خلفية ارتفاع أسعار المعيشة في داخل الأحواز، ومنها ارتفاع أسعار الخبز، لكن في الحقيقة الشعب الأحوازي انتهز هذه الفرصة ليعبّر عن رفضه التام للوجود الفارسي في الأحواز، خاصّة أنّ شعارات المُنتفضين تغيرت من طابعها المطلبي إلى ملامسة الأزمة الشاملة المستحكمة في الأحواز، ألا وهي الاحتلال الفارسي وسياساته الإجرامية التي هي واضحة المعالم والدلالات وتحدث على رؤوس الأشهاد.
ما هو دور حركة رواد النهضة لتحرير الأحواز فيها؟
نظمت الحركة صفوفها العسكرية في الداخل لحماية الشعب الأحوازي، بقدر المستطاع، من بطش وقمع قوات الاحتلال الفارسية، وعلى رأسها الحرس الثوري الإيراني والميليشيات المرتزقة التابعة لإيران، التي أتت كتعزيزات بعد أن خرجت الانتفاضة عن سيطرة قوات الاحتلال المتواجدة في الأحواز. وفي الوقت ذاته، هناك تنسيق على قدم وساق لكتائب الحركة المتمثلة في كتائب الشهيد ريسان الساري، الجناح العسكري لحركة رواد النهضة لتحرير الأحواز، مع الفصائل الكردية والبلوشية والآذرية التي تناضل من أجل استرجاع حقوقهم المسلوبة من قبل الدولة الفارسية التي لا تحفظ وعداً ولا ترعى حقاً.
كما وجهنا في الحركة عناصرنا السياسية والإعلامية في الخارج لاستخدام علاقاتهم العربية والدولية لكسب دعم للمنتفضين في الأحواز خاصة، والشعوب المحتلة من قبل إيران عامة. كما أنّ القيادة العامة للحركة، المتمثلة في الدكتور ميثاق عبد الله، أنذرت وحذّرت الساسة الإيرانيين من اتخاذ أيّ قرار قمعي شامل قد يمسّ بأبناء شعبنا المنتفض، وأيّ من المتواجدين في ساحة الانتفاضة في سائر المُدن الأحوازية، ولن نسمح بمرور أيّ عدوان دون رادع يليق بحجمها وبشاعتها، وسيكون إيذاناً بزلزالٍ في المنطقة وبردٍ غير مسبوق.
ولو تمادى المحتل الفارسي في عدوانه سيأتيه ردّ لا يتوقعه، يجعل عمليات كتائب الشهيد ريسان الساري حدثاً عادياً مقارنةً بما سيشهده، ما سينسيهم، بإذن الله، أهوال ما مضت من عمليات، ويكون من يأخذ هذا القرار قد كتب فصلاً كارثياً في تاريخ دولة الاحتلال الفارسية وارتكب حماقةً سيدفع ثمنها غالياً بالدم والدمار.
ترفع هذه الاحتجاجات مطالب اجتماعية واقتصادية، وحتى مع رفع شعارات معادية لرئيسي وخامئني، فلم تخرج عن الإطار الاجتماعي والاقتصادي، ألا يعني ذلك عدم حضور الحراك السياسي التحرري للأحواز في الاحتجاجات؟
تتوالى الاحتجاجات الأحوازية، وقد غدت اليوم على نطاق أوسع، ليس في الأحواز فحسب، بل شملت معظم المدن الإيرانية، معلنة غضبها على النظام الإيراني، وكانت، وما تزال، شعارات الانتفاضة في ربوع الإقليم المحتل سلمية، بصيغتها السردية السهلة والواضحة، مطالبة الإيرانيين بالخروج من أرض الأحواز، لكنّ المشكلة الأساسية التي واجهها الشعب هي قطع الانترنت والكهرباء، وتطويق الأحواز وجعلها ثكنة عسكرية، وهذا دليل واضح على أنّ المسألة تطورت من الاحتجاجات على غلاء الأسعار إلى انتفاضة مطالبة بتحرير الأحواز.
هناك عدة خطوات يمكن للدول العربية اتخاذها لدعم قضيتنا الأحوازية العربية، وتبدأ بمدّ سُبل التواصل مع الشعب الأحوازي، لدعمه في التمسك بهويته، والتعريف بهذه القضية في المناهج الدراسية
وبالرغم من تنصّل إيران من تسمية “الأحواز”، لما لها من دلالة قوية على أنّ هذه الأرض عربية وليست فارسية، واستهدافها تضليل الرأي العام عن الحقائق التاريخية لهذا البلد العربي المغتصَب؛ عبر تغيير أسماء المدن وتوليف أوهام تُضيع عروبة الأحواز عبر الإعلام الفارسي والعربي المناصر لنظام ولاية الفقيه، يبقى عملهم المشين هذا سطواً على التاريخ وجريمة يرتكبونها بحق تاريخ الشعوب، ولن يغير شيئاً من حقيقة أنّ هذه الانتفاضات والاحتجاجات مطلبها الأساسي هو إخلاء الأحواز من الوجود الفارسي.
وماذا عن عن مناطق تمركز العرب في إيران، وفي أيّ المناطق الإدارية وفق التقسيم الحكومي؟
منذ بداية الاحتلال الفارسي للأحواز باشرت الدولة الفارسية آنذاك بتهجير العرب إلى هضبة فارس، وفق سياسة التهجير القسري وتغيير الديموغرافية السكانية التي اعتمدتها حكومات المركز المتعاقبة على سدة الحكم في طهران ضدّ الشعب الأحوازي، وذلك لأنّ الساسة الإيرانيين يعلمون أنّ الشعب الأحوازي لم، ولن، يتنازل عن أرضه تحت أيّ ظرف من الظروف.
وبالنسبة لتمركز العرب فهو في داخل الأحواز المطلة على الخليج العربي، وهي أرض عربية، إنساناً وخليجاً وسماءً، بكل تأكيد، ويصل عدد السكان إلى 12 مليون نسمة تقريباً. ويعيش خمسة ملايين نسمة من شعب الأحواز العربي في هضبة فارس وخراسان، وهم أحفاد الذين هُجروا قسرياً، منذ بداية الاحتلال الإيراني للأحواز في عام 1925.
وكيف تتجلى معاناة العرب الأحوازيين في إيران من السلطة الدينية للملالي في الجوانب المتعلقة بالهوية واللغة والثقافة؟
بشكل عام، الشعوب كافة عانت، وما تزال، من تعنّت السلطة في المركز، لكن بعد مرور أكثر من أربعة عقود على حكم الملالي فقد المركز المصداقية المزيفة، التي طالما تبجّحوا بها منذ انتصار الثورة الإيرانية، عام 1979، ولم ولن تنجح في تغيير أيّ جانب من الجوانب الثقافية والسياسية أو الهوية في الأحواز.
ودعني أكون واضحاً وصريحاً، حكومة الملالي نجحت نجاحاً غير مسبوق عالمياً في إفقار ونشر الإدمان في أوساط الشعب الأحوازي، وهذه سياسة نوعية اتّبعها نظام الملالي في تدمير الشعب دون سفك دماء، وهي سياسة استخباراتية معروفة في الأحواز والعراق، يستخدمها النظام الثيوقراطي الإيراني لقمع الشعوب وإسكاتها عن طريق الإدمان.
هل الهدف من النضال الأحوازي الاستقلال عن إيران أم الحصول على الحقوق السياسية والثقافية والاقتصادية ضمن الدولة الإيرانية؟
ليس لدينا أية مشتركات مع الشعب الفارسي أو الدولة الفارسية في مختلف الجوانب الثقافية والسياسية والدينية، وبالنهاية هذا احتلال فارسي دخل بقوة العسكر والسلاح، وأسقط الدولة الأحوازية بالقوة الغاشمة، بتوافق مع قوى الشرّ والظلام، ولهذا سلكت حركة رواد النهضة لتحرير الأحواز، منذ تأسيسها، الخطّ التحرري الذي هو امتداد لفكر شعبنا التحرري الرافض للحكم الفارسي، والذي عبّر عنه بشعاراته التحررية في الانتفاضة الأخيرة.
هذا الخطّ هو امتداد لخط شهدائنا الأبرار الذين بذلوا الغالي والنفيس من أجل استرداد الحقوق والكرامة والسيادة العربية الأحوازية، بعد أن سلبتها دولة الاحتلال الفارسية.
وحركتنا لم ولن تفرّط في مسارها التحرري، والأحواز خطّ أحمر دونها الدماء والمهج والأرواح، وفي سبيلها نقلب الطاولة على رؤوس الجميع، ولن تتراجع الحركة قيد أنملة عن مبدأ التحرير ولن يمسك زمام الأمور في الأحواز إلا أهلها، طال الزمان أو قصر.
في ظلّ الوضع القانوني الدولي لإيران كدولة ذات سيادة على حدودها الجغرافية، وقبضة الدولة الإيرانية؛ هل مطلب استقلال الأحواز ممكناً؟ وهل هو مطلب شعبي جارف؟
هناك دول ذات سيادة تغيرت خريطتها بفعل القوة أو الاستفتاء، مثل النموذج الكردي في العراق، الذي حاز نسبة من الاستقلال بالقوة، وعبر الاستفتاء استقلت سنغافورة، ونحن في الأحواز لا نسعى للانفصال أو الاستقلال؛ بل للتحرر من أطول وأعتى احتلال عنصري طائفي بغيض، وبناء الدولة الأحوازية العربية ذات السيادة، هذا مطلب شعبنا وفصائله التحررية، ويعبّرون عنها في كلّ انتفاضة ومظاهرة ومناسبة وفرصة، رغم القمع الإيراني.
وماذا عن عمليات التوطين التي تقوم بها الحكومة لسكان من العرقية الفارسية في المناطق العربية، وما هدف ذلك؟
هذه نقطة غاية في الأهمية والخطورة؛ حيث إنّها سياسة إمبريالية فارسية تخطت الحدود الأحوازية ووصلت إلى سوريا، مروراً بالعراق، والهدف من التوطين هو تغيير الديموغرافية السكانية، ليزداد الفرس في الأحواز ويقلّ العرب، وينصهروا في الثقافة الفارسية عبر المناهج الدراسية وغير ذلك.
وبعد نجاح ثورة عام 1979 في إيران، ووصول نظام الملالي لسُدة الحكم، ظنّ الأحوازيون أنّ هناك انفراجة في علاقتهم مع السلطات الإيرانية، غير أنّ الظلم والاضطهاد زادا عمّا سبق، واستمرت سياسية التمييز العنصري والتطهير العرقي والتهجير القسري، وزاد كذلك إهمال الإقليم، خدمياً وتعليمياً، عن ذي قبل. ومن الناحية الأخرى هذا المخطط خدم الدولة الفارسية خدمة كبيرة في التأثير الواسع في جنوب العراق من خلال هذه السياسة بعد أن طبقتها في الأحواز، فتأتي هذه المخططات ضمن الحرب الديموغرافية التي يشنها الاحتلال الفارسي منذ عقود في الأحواز ويطبقها الآن في سوريا والعراق.
تملك حركة رواد النهضة لتحرير الأحواز جناحاً مسلحاً؛ فما هي أهم نشاطاته في الداخل الإيراني؟
لم يتغيّر شيء في سياسة الرؤساء والحكومات الإيرانية المتعاقبة، ولا تختلف المنهجية العدوانية الفارسية إزاء الأحواز، أرضاً وشعباً، سواء إن كانت ملكية مستبدة أو دستورية. سواء وُصف الرئيس بالتشدّد، كأحمدي نجاد، أو بالاعتدال، كمحمد خاتمي، فالجميع موقفهم ثابت من الأحواز، وهو العنف والقسوة في التعامل مع مطالبه الشرعية، ناهيك عن الإعدامات الميدانية والاعتقالات العشوائية.
لذلك منذ بداية تأسيس الحركة تنوّع نشاطها بين الكفاح المسلح والعمل السياسي، والحركة تملك اليوم جناحاً مسلحاً نشطاً متسلطاً على رقاب الحرس الثوري الإيراني وقوات الاحتلال، وهو كتائب الشهيد ريسان الساري التي سبق أن نفذت كثيراً من العمليات العسكرية ضدّ المنشآت والروافد الاقتصادية الإيرانية في الأحواز، وآخرها كانت عملية أسمتها “ثأر السعودية”، استهدفت من خلالها خطوط النفط وشركة البتروكيماويات الإيرانية في مدينة معشور الأحوازية، وجاءت رداً على الاستهداف الحوثي الآثم لمخازن شركة أرامكو في مدينة جدة السعودية، كما خاضت العديد من المعارك واستخدمت أساليب وتكتيكات عسكرية تشبه حرب العصابات.
بعد نجاح ثورة عام 1979 في إيران، ووصول نظام الملالي لسُدة الحكم، ظنّ الأحوازيون أنّ هناك انفراجة في علاقتهم مع السلطات الإيرانية، غير أنّ الظلم والاضطهاد زادا
ولقد كانت، وما تزال، وستبقى، خيارات الحركة واضحة على الدوام بتبنيها خطّ المقاوم لتحرير الأرض من منطلق رفض الاحتلال، بالتوازي مع سعيها الدائم، ومنذ بداية انطلاقتها، عام 2019، لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة، وفق مرجعيات القرارات والقوانين الشرعية الدولية ذات الصلة، ومبدأ الأرض مقابل السلام واستعادة كامل الأراضي الأحوازية المحتلة، بما فيها الأوصال التي قطعتها الدولة الفارسية من الأحواز وألحقتها بالأراضي الإيرانية، وكذلك إقامة الدولة الأحوازية المستقلة وضمان حقّ عودة اللاجئين الأحوازيين إلى وطنهم وديارهم بسلام، فيما تواجه الحركة بالمقابل حرباً إيرانية في ظلّ طغيان سياسة التضليل الإعلامي لوسائل إعلامية فارسية تستخدم أحدث الأساليب لتزييف الواقع وتشويه صورة الحركة كتنظيم إرهابي من أجل تحقيق أجندة سياسية ترتبط بمصالح المشروع الفارسي الإمبريالي ليس في الأحواز فحسب، بل في المنطقة العربية برمتها.
هناك حراك معارض للسلطة الإيرانية بين الشعب الإيراني في المناطق الفارسية؛ فهل لدى الحركات الأحوازية تواصل معهم؟
ليس هناك أيّ ارتباط سياسي، أو تنسيق حتى على صعيد إعلامي للحركة مع الفُرس أو المعارضة الفارسية، فالحركة متمسّكة بمبدأ الشراكة والتنسيق مع الشعوب المحتلة من قبل إيران والمقاومة العربية في الدول العربية المتضررة من المشروع الفارسي، وعلى رأسها المقاومة والمعارضة العراقية، على كلّ الصعد؛ السياسية والعسكرية والإعلامية.
هل هناك تفهّم من الإصلاحيين والمعارضين في الخارج من القومية الفارسية للمطالب العربية؟
علّمتنا التجارب مع الحكومات المتعاقبة على سدّة الحكم في طهران، وتجاربنا مع المستوطنين الفرس في الأحواز أنّ هناك اتفاقاً قومياً فارسياً على هضم الحقوق العربية، وإن وجدت هناك أطراف فارسية صادقة، باعترافها بحقوقنا كدولة عربية محتلة من قبل إيران، لن تتوانى الحركة في التنسيق معها، لكنّ هذا الأمر مستبعد جداً؛ حيث إنّ العقلية والمنهجية والإستراتيجية الفارسية مبنية على العداء والاحتقار لكلّ ما هو عربي وللدين الإسلامي الحنيف.
تتعدّى القوى والحركات الأحوازية السياسية والعسكرية؛ فهل هناك مجلس أعلى للتنسيق بين هذه القوى؟ وألّا يؤثر التعدّد على النضال العربي؟
تناضل جميع الفصائل الأحوازية التحررية من أجل دحر الاحتلال الفارسي البغيض وتحرير الأرض والإنسان الأحوازي، لكن هناك عقبات ومتغيرات الواقع العربي المتردي، وحالة الانقسام العربي الكبيرة، وتشظّي الدول الإقليمية، وغياب الرؤية العربية الموحّدة ومشروعها المفترض والضروري، في مواجهة المشروع الإيراني وأطماعه وأخطاره، وعدم القدرة على توليد مشروع عربي رسمي وقوي في مواجهة الخطر الإيراني المحدق، وترهُّل واقع الجامعة العربية الذي بات هو الآخر غير قادر على الحركة، وجميع تلك العوامل شاركت بجعل القوى الأحوازية عَبْر التنوع الأيديولوجي والتوجه السياسي غير قادرة على اتخاذ قرار موحّد لغاية الآن. لكن، بالرّغم من كلّ ذلك، تسعى الحركة إلى توحيد الصفوف الأحوازية، ودعت الحركة أكثر من مرة إلى ذلك من خلال بياناتها ومؤتمراتها العامة، وتعمل الحركة بكلّ قوة في المنفى والداخل الأحوازي، على الصعيد الإعلامي والسياسي والعسكري، بالرغم من تعاظم التحديات، نحو خطّة نهوض وطني لمواجهة المخاطر المحدقة بالقضية الأحوازية.
تقع الأراضي العربية الأحوازية في مقابلة الدول العربية الخليجية؛ فكيف يشكّل الأحواز خطّ دفاع عن الأمن القومي العربي؟
الأمن القومي العربي واستقرار المنطقة برمتها من الخليج إلى المحيط مرتبط ارتباطاً وثيقاً بتحرير الأحواز من دولة الاحتلال الفارسية، وليس بتغيير النظام الإيراني كما يزعم الزاعمون، ومن يقرأ ويتمعّن بالتاريخ جيداً يستذكر واقعة توغل القوات العراقية إلى الأحواز، فقد ظلّت درساً مهماً يتناقله خبراء الإستراتيجيا العسكرية في سياق الحديث عن أهمية إقليم الأحواز في تأمين المنطقة العربية من التطرف القادم من إيران؛ حيث لم يكن لإيران أيّ منفذ على الخليج العربي، لكن بعد الاحتلال الفارسي للأحواز أصبحت إيران تطلق على الخليج العربي مسمى “الخليج الفارسي”، بالرغم من أنّ شرق ضفتي الخليج وغربهما، يقطنها العرب منذ قديم الأزل، بالتالي، كانت تلك أولى الضربات التي تلقتها دول المنطقة، جراء احتلال إيران لإقليم الأحواز، فالتوسّع الإيراني انطلق من احتلال الأحواز وسيتقلّص منها بعد تحريرها.
كيف تنظرون إلى المواقف العربية من القضية الأحوازية؟
تتّسم هذه المواقف في الأغلب الأعم بالسلبية والتجاهل، باستثناء موقف الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، عندما طلب من جامعة الدول العربية، في كانون الثاني (ديسمبر) 1964، تشكيل لجنة تقوم بإدارة وبحث أوضاع الخليج العربي، ومن ضمنه إقليم الأحواز. وأيضاً كانت هناك مواقف مشرّفة للرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، وفي الأعوام الأخيرة باشرت دول الخليج العربي، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية الشقيقة، بالمطالبة بحقوق الأحوازيين، في سائر المحافل الدولية والأمم المتحدة، كما سخّرت إعلامها للدفاع عن القضية الأحوازية.
وهناك عدة خطوات يمكن للدول العربية اتخاذها لدعم قضيتنا الأحوازية العربية، وتبدأ بمدّ سُبل التواصل مع الشعب الأحوازي، لدعمه في التمسك بهويته، والتعريف بهذه القضية في المناهج الدراسية بالبلاد العربية المختلفة، مع عمل بعثات دراسية لطلبة الأحواز إلى البلاد العربية. وهذا ما يمكن تقديمه الآن، في ظلّ الظروف الدولية والمشهد الإقليمي المتأزم، وربما تتوافر في المستقبل سُبل أخرى لدعم أكثر فاعلية.
المصدر: حفريات